متى أشتري الخبز؟

في طفولتي لم أكن طفلا شديد الهدوء ولا شديد الإزعاج و ما بين هذه وتلك تتمحور حياتي بين مدح الآخرين لي أمام أبنائهم بعبارة "كونوا مثل فهد" التي كانت تجعلني أتطاير فرحا وأشعر بتميزي بينهم وما بين توبيخ أمي رحمها الله إما بسبب الدراسة أو الشجار مع أخوتي أو بسبب "الخبز"!. نعم انه "الخبز" أو ما في حكمه من احتياجات المنزل التي كنت أراها في ذلك الزمن قطعة من الشقاء وحكما بالأشغال الشاقة وكل ما يدور في ذهني أنه لا شيء يستحق أن أترك مشاهدة مسلسلي المفضل أو مباراة فريقي من أجل شراء الخبز بيد أنني لم أكن أملك الخيار للرفض فأمي لا تتهاون في التربية والتقريع ولديها "خيزرانة" ذات قوام نحيف لازلت أتذكر أثرها "المبرح". في تلك الأيام كنت طفلا ومن ثم مراهقا مصاب بداء إلتهاب الأعصاب الذي ترك تأثيره على قدراتي في المشي والحركة غير أن عنفوان الصبا و حماقة المراهقة لا يجعلان المرء يدرك النعمة العظيمة التي يمتلكها في تلك اللحظة وأنه ربما بعد فترة من الزمن سوف يحن حتى لطلب شراء الخبز في ظهرية حارقة في يوم من أيام مكة الصيفية التي تجعل الماء ساخنا والبيض ناضجا...