المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2020

ستموت في العشرين .. تجربة سودانية ثرية

  للسينما بريق يختلف عن أي وسيط آخر من وسائط العرض لأنها تملك ذاكرة لا تموت بتقادم الزمن بل يموت جميع صناع الفيلم ويبقى الفيلم حيا ويشهد على الحقبة التي صنع فيها و يعرفنا على مبدعين لم ندركهم زمنيا لكننا أدركنا إرثهم الفني واستمتعنا به. بعد مشاهدتي للفيلم السوداني ستموت في العشرين خرجت بانطباع أولي مفاده أن هذا الفيلم لن يموت في العشرين ولا الثلاثين وربما يبقى حيا إلى ما يشاء الله للسينما أن تستمر وعوامل بقاءه حيا كثيرة لعلها تتلخص في عودة الفيلم السوداني الطويل للحياة بعد موت دام عشرين عاما و ربما تكون هذه الروح التي دبت من جديد في جسد السينما السودانية بفضل هذا الفيلم بداية لصناعة سينما جديدة جديرة بالاحترام في بلد لم يصدر للعالم الكثير من الفن التمثيلي و العامل الأكثر أهمية لبقاء الفيلم في الذاكرة أنه استند على حكاية بسيطة نابعة من صميم المجتمع المحلي السوداني وهذا ما سوف يساهم في بقائها في ذاكرة المشاهد السوداني الذي سوف يرى نفسه أو أحد من محيطه ضمن شخصيات الفيلم وفي ذات الوقت يعطي مجالا ولو يسيرا لإشباع الفضول لدى المشاهد من خارج السودان الذي يريد أن يتعرف على المجتمع السوداني...

مذكرات الأيام الرمادية /6

... أكمل سرمد حديثه بعد أن وجه الأنظار إليه نعم أنا أعاني من اكتئاب حاد جدا ولا استطيع التركيز لفترة طويلة هذا هو أنا الماثل أمامك وهذه جرائمي ولك الحكم. تدخل نهاوند وطلب منه الهدوء قبل أن يسأله ما الذي أوصله إلى هذا الحد من الإكتئاب؟ هل السبب في ذلك سيطرة الماضي على عقله أم عوامل مختلفة أدت إلى تأزم الوضع؟ لتأتي اجابة سرمد أغرب من وضع تلك المقابلة لقد وصلت لهذه المرحلة بسبب شيء واحد فقط و هو عدم الموت. لتنزل الإجابة كالصاعقة على نهاوند الذي حاول أن يدير تلك الجلسة المشحونة بأقل الخسائر فقال لصاحبه انك رجل في مقتبل العمر أمامك المزيد من الوقت للحياة والتجربة والفشل والنجاح والحب وتكوين أسرة لماذا تختار الخيار الأخير في السلسلة؟ وهنا صمت سرمد قليلا ثم قال حينما يشكك الآخرون في قدراتك العقلية ويتعاملون معك كنكرة ليس لها حق التفكير والحديث يجب عليك ان تختار الموت وعندما يعاملك الطبيب الذي ذهبت إليه ليساعدك في محنتك كملف يجب أن ينجزه بالكثير من الملاحظات العامة ووصفات الأدوية دون مراعاة لحالتك النفسية التي جاءت بك إلى عيادته فيجب عليك أن تختار الموت وحينما يعاملك من اختار بمحض ارادته أن يك...

عمر السومة .. الرهان الرابح

الظروف الصعبة مفترق طرق قد تؤدي بالمرء إلى التهلكة و قد تذهب به إلى مجد عظيم. وبطل قصتنا مر بظرف كان من الممكن أن يقضي عليه ولكن ارادة الله ومن ثم اصراره ذهبوا به نحو طريق أوصله إلى مجد لا يمحى و أسطورة لا تنسى وسطوة قل مثيلها. عمر جهاد السومة شاب سوري عشق كرة القدم وحينما أراد أن يكتب أول سطور حكايته معها انفجرت بلده سوريا وتحولت إلى بركان لا يخمد من الحمم التي مزقت الأجساد والأحلام إلى أشلاء متناثرة وكان من الممكن أن تقضي على عمر قبل أن يبدأ. ولكن أرادة الله ارسلت لإبن "دير الزور" طوق النجاة الذي عبر به أمواجا متلاطمة قذفته على شاطئ القادسية الكويتي ليعيد كتابة سطور مسيرته من جديد. سنوات قضاها السومة في القلعة الصفراء كانت كفيلة بصقل موهبته وشخصيته ليكون جاهزا لتحديات أكبر من التي واجهها. وفي صيف العام ٢٠١٤ كان العالم يتحدث عن سبعة ألمانيا في البرازيل وعضة سواريز في المونديال لذلك لم يكن وصول السومة إلى عروس البحر الأحمر مدويا انما كانت بعض الأصوات تقول كيف يتعاقد الأهلي مع لاعب سوري مغمور و زهيد الثمن ؟ ثم ماذا حدث بعد ذلك؟ حدثت أشياء برهن فيها "العقيد" السوري أن...

مذكرات الأيام الرمادية /5

.... أنهى نهاوند المكالمة مع سرمد بعد أن تواعدا على لقاء قريب يجمع بينهما، وهنا بد نهاوند يصيغ ما سمعه من سرمد على شكل يوميات قصيرة قام بنشرها على أحد المواقع المهتمة بهذا النوع من الأدب تحت مسمى " الرجل الذي يبحث عن الضوء" وبدأت تحصد هذه القصاصات متابعة جيدة من الناس وتفاعل لا بأس به. بعد أيام انقضى الحجر الكلي في المملكة وبات لديهم الحرية الكاملة لعقد اللقاءات في الأماكن العامة فأتفقا على اللقاء في أحد المقاهي في حي العوالي  جاء اللقاء الثاني بينهما وجها لوجه باردا تحدث فيه سرمد قليلا بينما آثر نهاوند الصمت وظل يراقب حركات وسكنات سرمد التي لفتت نظره بشدة. وبعد لحظات صمت عجيبة تكلم سرمد دون سابق إنذار وقال لو أنني ألتقي بمن ظلمني يوما ما أو أهانني سوف أجتاحه ولن ارحمه وسوف أهشم رأسه وكل عظمة بارزة أو خفية في جسمه وهنا لم ينطق نهاوند ولم يبدي أي ردة فعل بل أصبح وجهه بلا ملامح كأقنعة الوجه المحايد في المسرح! و لوهلة نسي نهاوند انه في مقهى لا يجيز لزبائنه التدخين ولم ينتبه إلا حينما وبخه النادل على اشعال السيجارة وطالبه بإطفاءها فورا أو مغادرة المكان  فأعتذر نهاوند للنادل عن تص...