مذكرات الأيام الرمادية /6
... أكمل سرمد حديثه بعد أن وجه الأنظار إليه نعم أنا أعاني من اكتئاب حاد جدا ولا استطيع التركيز لفترة طويلة هذا هو أنا الماثل أمامك وهذه جرائمي ولك الحكم.
تدخل نهاوند وطلب منه الهدوء قبل أن يسأله ما الذي أوصله إلى هذا الحد من الإكتئاب؟ هل السبب في ذلك سيطرة الماضي على عقله أم عوامل مختلفة أدت إلى تأزم الوضع؟
لتأتي اجابة سرمد أغرب من وضع تلك المقابلة لقد وصلت لهذه المرحلة بسبب شيء واحد فقط و هو عدم الموت.
لتنزل الإجابة كالصاعقة على نهاوند الذي حاول أن يدير تلك الجلسة المشحونة بأقل الخسائر فقال لصاحبه انك رجل في مقتبل العمر أمامك المزيد من الوقت للحياة والتجربة والفشل والنجاح والحب وتكوين أسرة لماذا تختار الخيار الأخير في السلسلة؟
وهنا صمت سرمد قليلا ثم قال حينما يشكك الآخرون في قدراتك العقلية ويتعاملون معك كنكرة ليس لها حق التفكير والحديث يجب عليك ان تختار الموت وعندما يعاملك الطبيب الذي ذهبت إليه ليساعدك في محنتك كملف يجب أن ينجزه بالكثير من الملاحظات العامة ووصفات الأدوية دون مراعاة لحالتك النفسية التي جاءت بك إلى عيادته فيجب عليك أن تختار الموت وحينما يعاملك من اختار بمحض ارادته أن يكون أبا لك كشجرة مسمومة ودخيلة على بستانه العامر يجب عليك ان تختار الموت.
اننا يا صديقي نعيش في عالم أصبح فيه الأحياء يعدون على الأصابع والأموات الذين يتوهمون أنهم أحياء تجدهم في كل زاوية وتحت كل حجر في قارعة الطريق اننا نعيش في عالم من الكذب والخداع تجمله زخرفة خارجية تخفي في أحشائها قبحا لا تتحمل الأعين منظره ولا الأنوف قادرة على استنشاق رائحته النتنة.
وبعد لحظات ساد فيها الصمت تكلم نهاوند وقال أنني أتفهم تماما ما تقوله فربما تجربتك أدت بك إلى هذه الخلاصة "العاتمة" ولكن يا صديقي لا يوجد بقعة ليس بها ولو خيط رفيع من الضوء ، ابحث عن أماكن الضوء فربما تملك الكثير من "الضياء" الذي ضاع في "العتمة" التي كبلت نفسك بحبالها.... يتبع
تعليقات
إرسال تعليق