لماذا يا عنز الشعيب؟

 

ازدواجية المعايير في تقييم دراما رمضان.. ومتى نتوقف عن تمجيد كل ما يُصنّع خلف الحدود؟


"عنز الشعيب تحب التيس الغريب" مثل شعبي سعودي قديم يُقال لمن يترك أهله وناسه ويتعلق بالغريب، ظنًا منه أن الغريب دائمًا أجمل وأفضل.
وهذا تمامًا ما نراه هذه الأيام في وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا مع زحمة تقييمات مسلسلات رمضان.

بات واضحًا أن هناك فئة معروفة بترويجها ودفاعها المستميت عن الدراما القادمة من دول الجوار، رغم ما تحمله تلك الأعمال من مشاهد عبثية وأفكار هدامة، وخلاعة لا تخفى على أحد. نفس هذه الفئة و للمفارقة لا تتوانى عن تعليق المشانق للدراما المحلية، بل وتتفنن في جلدها والتقليل منها، مستخدمة عبارات مستفزة مثل: "ذوقنا أكبر من هذا المستوى".

لا أحد ينكر أن النقد حق مشروع، والفن بطبيعته خاضع للآراء والذائقة العامة، بل وحتى السخرية مشروعة حين يكون العمل "وضيعًا".
لكن المرفوض - بل المعيب - هو هذه الازدواجية المفضوحة في المعايير:
كيف تقارن بين إنتاج مدعوم بتجارب طويلة وبين أعمال محلية ما زالت تتحسس طريقها؟
كيف ترفع نجمًا "مستوردًا" إلى عنان السماء رغم سقطاته الأخلاقية والفنية، ثم تتعامل مع زلة فنان محلي وكأنها فضيحة القرن؟

وقفــة مع دراما هذا الموســم

خذ نظرة سريعة على بعض مسلسلات هذا الموسم الرمضاني، تجدها تتفنن في استعراض العلاقات المشبوهة وتبرير الانحرافات، وتقديم الجرأة على أنها بطولة.
ومع ذلك.. ترى نفس الأصوات تصفق وتمدح السيناريو والحوار وتصف العمل بأنه "يعكس الواقع" و"جرأة تحسب للكاتب"!
لكن لو جاءت نفس الفكرة - أو حتى أقل - في عمل محلي، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولانهالت الانتقادات الساخرة وكأنهم يتلذذون بجَلد كل محاولة درامية محلية مهما كانت جودتها أو هدفها.

الحقيقة التي يجب ألا نغفلها، أننا - للأسف - ساهمنا بشكل أو بآخر في صناعة هذه الصورة. أهملنا الدراما المحلية سنوات طويلة، ضيقنا على الفنانين، وفتحنا شاشاتنا على مصراعيها لأعمال جيراننا، حتى صرنا - بوعينا أو بدونه - نُسهم في تقوية صناعتهم على حساب صناعتنا.

أقول لكل من يُدمن تمجيد الآخر واحتقار الذات:
لك ذوقك واحترامك، لكن احترمنا قليلًا.
لا يعقل أن تبتلع "بحر" من التفاهة والسوقية والابتذال هناك، ثم تختنق هنا أمام "ينبوع" صغير من الأخطاء البسيطة.
ولا يعقل أن تعيب ممثلًا محليًا على زلة تمثيلية، بينما تصفق لممثل لم يتورع عن شتم بلادك والتطاول على موروثك، بحجة بالية اسمها: "فصل الفن عن السياسة".

صدقني.. لو كان هناك من يستحق دعمك وتشجيعك، فهم فنانو هذا الوطن.
فهم - على الأقل - لن يتعمدوا الإساءة إليك وإلى بلدك كما يفعل غيرهم ممن تتعلق بهم وتنفخ في صورتهم صباح مساء.

🛑 الختام:

فهمت يا عنز الشعيب؟


تعليقات

  1. أخيرًا أحد تكلم عن الشيء اللي بخاطري من زمان و ودي أقوله وأناقشه من فترة، لأن اللي قاعد يصير محبط جدًا ، عندنا طاقات إبداعية قادرة تقدم أعمال احترافية تنافس أي دراما ثانية، لكن للأسف ينقصهم الإنصاف والدعم الحقيقي ، المشكلة مو إن النقد ممنوع، لكن ليه المحلي دايمًا يُجلد، بينما الأعمال المستوردة تُصفق لها حتى لو كانت مليانة تفاهة وسقطات؟ اللي قاعد أشوفه وزي ما قلت كأن البعض تعود يقلل من كل شيء يطلع من هنا، مع إن الجودة موجودة وقادرة توصل لأبعد مما يتخيلون.. بس متى نعطيها حقها؟

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هوبال: فلسفة النجاة بالهلاك

قصة قصيرة : وجبة كاملة الدسم