النايحة بطل من هذا الزمان
منذ مطلع التسعينيات فرض أيمن زيدان نفسه كواحد من الأرقام الصعبة في خارطة الدراما السورية العريقة وقدم خلال عقد التسعينيات أعمالا لاتزال خالدة في ذاكرة المشاهد العربي فكان زيدان يخرج من عمل ناجح ليدخل لعمل أنجح وذلك بفضل موهبته الكبيرة والكوادر المحيطة به التي كان لها بالغ الأثر في تألقه.
نقف اليوم أمام رائعة من الروائع التي قدمها زيدان وقد نعتبرها مسك الختام لعقد ترصع بالعديد من الألماسات الثمينة التي لا تزال الدراما السورية تتلألأ ببريقها كان بطلها "بطل من هذا الزمان" العملاق "أيمن زيدان".
بطل من هذا الزمان جمع في طياته العديد من الأمور الجميلة فأول ما يرتكز عليه هذا العمل قلم الدكتور ممدوح حمادة الذي يكتب بحبر لا يشبهه حبر والركيزة الأخرى "شيخ المخرجين وأستاذ المخضرمين" المخرج هشام شربتجي وتمام الركائز بوجود عملاق اسمه أيمن زيدان.
عمل بسيط في قصته عميق في طرحه وهذا هو الأسلوب الذي تميز به ممدوح حمادة فالرمزية لا تغيب عن قلم هذا الرجل .
يصحبنا شربتجي في رحلة ممتعة على مدار 39 حلقة يستعرض فيها يوميات ذلك المواطن البسيط "سعيد النايحة" فمن هو "سعيد النايحة"؟
سعيد هو نموذج واقعي للمواطن السوري المعدوم في ذلك الزمن الذي يكابد الحياة من أجل أن يؤمن حياة كريمة لأفراد عائلته.
لم يدع باب لم يطرقه ليخلق لنفسه ولعائلته مستقبلا أفضل .
عمل في معظم المهن بل حتى أنه حاول حفر الأرض للتنقيب عن الآثار والذهب المدفون في باطن الأرض ولكن دون جدوى وكما قال السوريون (دق المي وهي مي).
وسعيد يحمل صفات العربي الكريم فهو يقع في المصائب ويحاول أن يجد حلا لمصائب غيره حتى لو كلفه ذلك إضافة مصيبة جديدة إلى مصائبه!!.
يسيطر عليه الخوف وتسيطر عليه الهموم ويكابدها بإبتسامته او كما يقولون "بفشة خلقه" فيخرج مافي جعبته من انتقادات غير مكترث بالعواقب.
من خلال مشاهدة العمل تشعر وكأنه يوميات مسلية مليئة بالمواقف الكوميدية فقط لاغير وهذا بسبب ذكاء ممدوح حمادة في التحايل على مقص الرقيب بينما العمل كان مليئا بالإسقاطات والرمزيات بل حتى أن اسم البطل كان رمزية بحد ذاته.
"سعيد النايحة" هنا رمزية المتضادات فسعيد مشتق من السعادة والفرح والنايحة مأخوذ من النواح والنواح هو "البكاء بصوت عال وحزن شديد على الميت" وكأن الدكتور رمز إلى أن المواطن السوري في ذلك الزمن ميت يواجه صعوبة الحياة بقليل من السعادة التي يصنعها لنفسه لأن الصراخ (الكلام) عن تلك الهموم يؤدي إلى عواقب وخيمة .
#قبل الختام#
عمل جميل تألق جميع المشاركين فيه بلا استثناء وأخص بالذكر نادين خوري وايمن رضا و باسم ياخور ومعن عبدالحق ولم أذكر أيمن زيدان لأنه خارج قاعدة التألق فهو يصنف في درجة التعملق.
#الختام#
أتمنى ان يعود أيمن زيدان إلى هذه النوعية من الأعمال فهي ملعبه الذي لا ينافسه فيه أحد.
تعليقات
إرسال تعليق