آلالاف مثل عنتر!!

 الفنون لها بريق شديد وتأثر في الناس بشكل عميق ويتفاعلون معها كحدث رئيسي أو هامشي في حياتهم وهذا يعود للتقدير الشخصي للإنسان.

وكأي مُنتوج بشري فالفن قابل للأخذ والرد والانتقاد والتحليل والتفنيد سواء على مستوى الموضوع والشكل أو على ما يقدمه الفنان الذي يعتبر هو "الفن" بكل معانيه بدءاً من أول مشهد يكتب وانتهاءً عند اسدال الستار ولذلك تمايز الفنانون فيما بينهم وتمايزت محبة الناس لهم عطفا على مقدار تأثيرهم الفني أو الشخصي فحسب اعتقادي ليس كل فنان مؤثر في الناس له تأثير إيجابي على الفن ومسيرته بل قد يكون نابع فقط من شخصيته ولا يملك أي مقومات للإبداع الفني.

في السابق كانت الصحافة تحتكر حق النقد الفني لأنها الوسيلة الأكثر انتشارا وتأثيرا فكان حينها للصحفي شأن عظيم فهو قادر بقلمه على صنع نجومية ممثل ما أو التقليل منها أو سحقها في أسوء الأحوال وكان الفنان هو من يدافع عن نفسه وفقا للطريقة التي يراها مناسبة.

والآن وبعد أن تفجرت التقنية وخلقت لنا فضاءات رحبة تتسع للجميع لم يعد الصوت محتكرا على قلة من الناس بل بات الجميع قادرون على صنع صحافتهم الخاصة دون الحاجة لأكثر من هاتف نقال أو حاسوب.

و على هذا الأساس ظهر الكثير من النقاد المتزنين الذين يقيمون الفن بإعتباره أداة تستحق التقييم والتوقف عند ما يقدم من خلالها.

و كما كانت الصحافة تملك فرعا "أصفرا" فإن وسائل التواصل الاجتماعي أيضا تملك "نقاد" لونهم "أصفر فاقع يعمي الناظرين" وفئة ثالثة هي الرابط بين الفئتين الآنف ذكرها ألا وهم "الفانزات" كما درجت تسميتهم في العالم الافتراضي وهم لمن لا يعرفهم ولو أنني شك في ذلك من يخوضون المعارك الدامية ببسالة وشجاعة "عنترية" ضد كل من ينتقد فنانهم المحبوب سواء كان الناقد أصفرا أم أبيضا أم رماديا فلا يهم ذلك والمهم هو بقاء فنانهم المفضل داخل هالة تحيطها أشعة حمراء تحرق من يقترب منها وهذا الشيء سهل مهمة الفنان فلم يعد بحاجة للدفاع عن نفسه طالما أمتلك جيشا كلهم "كالزير" الباحث عن قاتل "كليب" بأي ثمن .

وللأسف ساهمت هذه الظاهرة في تجريد النقد الصحيح من قيمته لأن الناقد بات يخشى التعبير عن قناعته أحيانا خوفا من هجوم جيش الفنان عليه هجوما كاسحا حارقا حتى ولو كان كلامه على صواب وهذا ما أنعكس سلبا على الفن عموما وأغلب الفنانين خصوصا فرأينا تراجع قيمة الأعمال المقدمة في السنوات الأخيرة بإستثناء بعض التجارب التي تستحق الاعجاب والاحترام.

فلذلك يا عزيزي "الفانز" أقدر لك محبتك الشديدة لنجمك المفضل ولكن عليك أن تحكم عقلك قبل أن تنهال على الآخرين بالشتم والتطاول وفي ظنك أن ما تقوم به واجب مقدس تجاه فنانك المفضل.

يا عزيزي بعد سنوات قليلة ستكتشف أنك أضعت أوقاتا من عمرك في سراب لا يراه إلا أنت وكذلك ستعلم أن لا أحد مقدس في دائرة الفن لا الفنان ولا الناقد ولا أنت ولا الفن بذاته وعليك فقط الاستمتاع بجهد مجموعة من البشر دون أن تكون عدوا لمجموعة أخرى من البشر أيضا.

الختام

لا شيء يستحق


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هوبال: فلسفة النجاة بالهلاك

لماذا يا عنز الشعيب؟

قصة قصيرة : وجبة كاملة الدسم