السيدة الأولى

خفة الدم و القبول والحضور أمور لا تشترى انما يهبها الخالق سبحانه وتعالى لمن يشاء من عبادة وتكون علامة فارقة تميز بين الموهوبين بها والآخرين.
في عالم الفن التمثيلي سنجد أن نجوم الكوميديا هم الأكثر شعبية وتأثيرا في الناس على مدار العمر الفني فلو نظرنا لنجوم مصر الأكثر شعبية ونجومية سنجد أن أغلبهم من (الكوميديانات) ابتداءً بنجيب الريحاني ومرورا بإسماعيل ياسين ثم فؤاد المهندس ومدبولي وبعدهم جاء جيل عادل إمام و سعيد صالح والثلاثي حتى نصل الى جيل هنيدي ومحمد سعد وحلمي.
فمن ما سبق نعرف أهمية الفنان الكوميدي بالنسبة للمتلقي فهو قادر على ازالة هموم يومٍ طويل بالكاد ينتهي عند أول "افية" يطلقه الفنان و أول ضحكة تنبع من القلب المهوم لتخفف آلالامه.
في الكوميديا لم يكن نصيب النساء كبيرا مثل ما كان الحال بالنسبة للرجال فربما استطيع القول أن الممثلات اللاتي تميزن بخفة الدم والكوميديا في الفن العربي يستطيع المرء أن يعدهن على أصابع يديه.
في هذه المساحة سوف أتحدث عن احدى أهم الكوميديانات النساء في الفن العربي وهي الفنانة الكبيرة سامية الجزائري متعها المولى بالصحة والعافية.
سامية الجزائري تشكل حالة فريدة جدا في الدراما السورية و العربية فهي تتمتع بخفة الظل التي لا مثيل لها وتتمتع بالكاريزما العالية التي تجعل المتابع في حالة من الانبساط وهو يشاهدها ، وكذلك تتمتع بقدرة فائقة على الاضحاك دون ابتذال أو اسفاف وإنما تستطيع أن تجعلك تستلقي على ظهرك (مقهقها) بحركة إيمائية بسيطة من خلال تعابير وجهها.
ولذلك لا عجب إذا علمنا أن سامية الجزائري وجه من الوجوه الرئيسية التي صدرت الكوميديا السورية خارج الإطار المحلي في عصر نهضة الدراما السورية مطلع تسعينيات القرن الماضي والجدير بالذكر انها المرأة الوحيدة بين نجوم الكوميديا في الدراما السورية بغض النظر عن بعض الممثلات اللاتي لديهن تجارب كوميدية ناجحة لكن لا نستطيع تصنيفهن ككوميدياتات.
ولعل أهم ما يميزها أنها تلعب جميع المساحات بكفاءة واحدة فهي قادرة على حمل عمل كامل على عاتقها و في ذات الوقت لا تمانع من الظهور في دور ثاني أو ثالث  و تسحب البساط من صاحب الدور الأول وتبقى بصمتها في كل عمل لا تمحى و لا تُنسى.
عطاء كبير قدمته الجزائري للفن السوري على مدار أكثر من نصف قرن وكانت السمة البارزة في هذا العطاء هي النجاح بصمت فسامية تؤدي دورها ثم تذهب إلى بيتها دون ضجيج فلا تجدها تبحث عن الصحافة و الإعلام ولا تلهث وراء الأضواء إنما تركت الأضواء تلاحقها في مساحة التمثيل فقط وبعد ذلك تمضي بسلام بعيدا عن كل شيء.
قبل الختام
ما يميز سامية الجزائري أنها ليست كوميديانة فحسب بل ممثلة تجيد لعب كل الأدوار بذات الاقتدار وقادرة بفضل موهبتها الفذة على أن تجعلك تذرف الدموع ضحكا أو حزنا.
وكل ما أتأمله أن تستمر في عطائها وتجد ما يناسبها من الأعمال لكي تمتعنا بفنها الجميل الذي لا يشبه أحد وحتى و إن حاول البعض تقليدها أو محاولة محاكاتها أو الظن بالسير على نهجها الفني فأقول لا يستوى الأصلي والتقليد مهما تطابق الشكل فبكل تأكيد سيختلف المضمون.
الختام 
ضحكة زمانها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هوبال: فلسفة النجاة بالهلاك

لماذا يا عنز الشعيب؟

قصة قصيرة : وجبة كاملة الدسم