الرجل الذي لا ينضب
قبل أيام قليلة مرت الذكرى العاشرة لرحيل الفنان الكويتي الكبير غانم الصالح الذي شكّل رحيله فراغا كبيرا في الفن الكويتي وما زال هذا الفراغ باقيا دون إغلاق.
قبل عقد من الزمن لم تكن وسائل التواصل كحالها الآن وكانت المعلومة تتأخر حتى تصل للناس فلذلك أتذكر جيدا أنني قرأت خبر وفاته في إحدى الجرائد في وقت متأخر من الليل رغم أنني أشتريتها مبكرا إلا أن عيني لم تلمح ذاك الخبر إلا متأخراً وأتذكر أنني ذهلت من الخبر خصوصا أنني قبلها بفترة قصيرة قد تابعت له مقابلة تلفزيونية وكان في وضع صحي جيد.
أما على الصعيد الفني فلا زلت مؤمن بأن الكويت لم تنجب ممثلا أفضل من غانم الصالح في جميع أجيالها الفنية فأبو صلاح رحمه الله تعامل مع مهنته كما لم يتعامل الآخرين فلم يحبس نفسه في برج عاجي ولم يقطع تواصله مع الأجيال وإنما ظل محتفظا بلياقته الفنية وعلاقته مع الجميع مما جعله لاعبا أساسيا ومؤثرا في الدراما الكويتية لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
فلذلك لاعجب إذا علمنا أن غانم الصالح عمل مع جميع الأجيال التي عاصرها بل وعمل أيضا في دول الخليج بعدة تجارب مختلفة المستوى.
وبسسب ذلك فإن سجل غانم الصالح حافلا بالأعمال الخالدة التي لا تنسى و يعتبر من الممثلين الكويتيين القلائل الذين خاضوا في جميع مجالات التمثيل ابتداء من المسرح مرورا بالإذاعة والتلفزيون والسينما ودبلجة الرسوم المتحركة أيضا.
ونجد أن بصماته لا تزال حاضرة في كل مجال خاض فيه فمن منا ينسى (نهاش فتى الجبل) في مسرحية باي باي لندن التي تجلى فيها الصالح تجليا أخمد هالة عبدالحسين عبدالرضا على المسرح وهي التي لم تهمد قبله أو بعده قط.
و في الدراما التلفزيونية طرق أبا صلاح أبواب الكوميديا فطرزها بفرائد لا تنسى مثل (سلطان سعود) في المسلسل الشهير خالتي قماشة أو الدور الذي لا ينساه أحد (ذياب دايخ) في المسلسل الخالد رقية وسبيكة أو حتى دور أبو متيح الرجل المشاكس خفيف الظل في مسلسل الموذي وغيرها من الأدوار الكوميدية التي أتسمت بالعفوية والأداء المريح.
وأما في التراجيديا فقد فرد أبو صلاح عضلاته كثيرا في هذا المضمار وقدم لنا شخصيات خالدة لا تنسى كشخصية كامل الأوصاف في مسلسل الغرباء أو شخصية أبو محمد في مسلسل الخراز تلك الشخصية التي أرى أنها أعظم أداء شاهدته لشخصية درامية في الفن الكويتي واختتم حياته الفنية بدور تراجيدي لا يزال الناس يتذكرونه في مسلسل أم البنات.
بالإضافة إلى كل هذا لديه تجارب سينمائية أهمها الفيلم الكويتي الجميل الفخ الذي أنتج في الثمانينات وقدم فيه الصالح أداءً هادئاً أضاف الكثير لقيمة الفيلم وأحداثه.
وفي الإذاعة له تواجد مهم تزخر به مكتبة الإذاعة الكويتية وعلاوة على ذلك فقد شارك رحمه الله في دبلجة الرسوم المتحركة و تقديم البرامج أيضا.
عاش غانم الصالح وفيا لفنه لا تهمه مساحات الأدوار بقدر ما يهمه وضع بصمة لا تنسى لدى الجمهور وقد وضع بصمته في القلوب والعقول بكل جدارة واستحقاق.
*قبل الختام*
ما ذكرته من أمثلة عن الشخصيات التي لعبها غانم صالح ما هو إلا غرفة مخرز من محيط هذا الفنان العملاق الذي لا ينضب رغم رحيله منذ سنوات.
غانم الذي أعطى للفن الكثير ولم يبخل على أحد وشارك مع الجميع وعلم الجميع يستحق أن نتذكره دائما وندعو له بالرحمة والمغفرة
*الختام*
...........................
تعليقات
إرسال تعليق