مذكرات الأيام الرمادية /7

... نظر سرمد إلى نهاوند نظرة طويلة تحمل الكثير من الغضب ثم وقف و أمسك بكوب المشروب البارد وفتح غطاءه ثم سكب عليه ما تبقى من كوب القهوة السوداء و وضع الكوب أمام نهاوند وقال له هيا افصل البارد عن الساخن و فكك حبال العتمة التي تحيط بالكوب ، انك يا صديقي تثرثر و لا ترى في الدنيا سوى سخافات المثقفين وعقد الصحفيين وأنصافهم وخيالات المسرحيين المريضة.
و حينها كان الغضب قد بلغ مبلغه من نهاوند ولكن فضل أن يتمساك قليلا ويستجمع ما تبقى لديه من صبر وحلم و في ذات الوقت قرر أن يرد على صاحبه بلهجة حادة و وبخه بالقول هل أنتهيت؟ أم ما زلت تحتاج إلى التقيء أكثر حتى تفرغ ما في قلبك من سواد؟ هل تعتقد أنك زرعت الصمت في شفتاي بما قلته لي الآن؟ أم هل تظن أنني لا أستطيع الرد على الهراء الذي نعتني به؟ حسنا اسمع مني هذه النصيحة قبل كل شيء إنك إن بقيت مغرما بلعب دور الضحية سيأتي اليوم الذي يضحى فيه بك دون أي شعور بالذنب من المضحي، عليك أن تستفيق من سكرة الأوهام التي تثمل منها كل يوم وحينما ترى أن في الدنيا ألوانا غير ذلك اللون المسيطر على عقلك وقلبك حينها تواصل معي وسوف استمع لما تقول ثم غادر نهاوند المقهى غاضبا ودون أن يلقي التحية على سرمد فيما ظل سرمد ينظر إلى الكوب الذي قدمه لنهاوند طويلا ثم قرر أن يشربه ليتذوق طعم تمازج الألوان بين البارد والساخن.
و على الجانب الآخر ظل نهاوند صامتا طوال طريق عودته إلى المنزل وأكتفى بالتدخين بكثافة وهو يفكر في ما حدث بينه وبين سرمد ثم ينقطع صمته بإتصال من سرمد تردد نهاوند في الرد عليه ثم قرر أن يسمع ما يقول ربما للمرة الأخيرة والغريب أن أيا منهم لم يبادر بكلمة ألو انما جسوا نبض بعضهم بالصمت الذي انقطع بصوت سرمد القائل : لا أحب المقدمات ولا أحب الإعتذار المباشر وربما لم أتصرف معك بلباقة و لكن كما تعلم الحماقة أحيانا تكون ذات فؤائد حتى وإن أعيت من يداويها 
لقد اتفقنا مسبقا على الحديث عن الأيام الجميلة ويبدو أنني كنت دائما أصر على اجترار الأيام القبيحة لذلك سأعتذر منك بإخبارك بهذه الحادثة الجميلة التي حدثت لي في طفولتي وما زالت تسكن قلبي و عقلي و لا أستطيع نسيانها وأرجو أن يكون عذري هذه المرة مقبولا.
ليرد نهاوند بالقول لو كنت أعلم أن الاحتدام في النقاش سيوصلنا إلى نقطة إلتقاء لفعلت ذلك منذ أول يوم ولا أبالي لو وصل الأمر إلى العراك بالأيادي (يضحك) ... يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هوبال: فلسفة النجاة بالهلاك

لماذا يا عنز الشعيب؟

قصة قصيرة : وجبة كاملة الدسم