مذكرات الأيام الرمادية /10
.. ألقى نهاوند عرضه على طاولة المفاوضات بينه وبين سرمد منتظرا ما تؤل إليه نتائج السؤال الذي تلقفته أذني سرمد للتو (ما رأيك بلحظات مشتركة يكون الجنون فيها سيد الموقف؟) وصل السؤال إلى عقل سرمد وبدأت عملية مسح سريعة للذكريات ظهرت نتيجتها على شفاه سرمد بإبتسامة خفيفة رمقها نهاوند بأعين المراقب للحدث والمنتظر للجواب.
استعجل نهاوند الإجابة بقوله (ماذا قررت؟) ليجيب عليه سرمد بعد صمت لم يطل ما رأيك في الرقص؟ وهنا تعدل نهاوند في جلسته وتنحنح ونظر إلى سرمد نظرة ريبة ورد السؤال بسؤال آخر أي رقص تقصد؟ رقصنا الشعبي ؟ أم البالية؟ أم الرقص على وحدة ونص؟ لينفجر سرمد ضاحكا ويقول : اكملها وقل الرقص على الجثث فهذا ما تبقى من أنواع الرقص لم تذكره ! هل جننت ؟ كل ما قصدته تلك الحركات التي يفعلها الانسان فتجعل جسده في حالة عدم اتزان وتعطيه الكثير من السعادة والنشوة.
أشر نهاوند بإصبعه ناحية سرمد قائلا له بصوت منخفض : أرجو أن لا يكون ما أفكر به هو الذي تفكر به؟ ليقترب سرمد من نهاوند ويرد عليه بنفس النبرة : ما الذي أفكر به يا ترى؟ ضحك حينها نهاوند وقام بمحاكاة حركة الرقص بيده دون كلام فضحك سرمد حتى سقط على ظهره ثم قام وقال له اتبعني.
فأنطلقا بالسيارة بسرعة عالية و الموسيقى الصاخبة تصاحبهما في الطريق فظهر على وجه نهاوند الكثير من القلق و سرمد يراقب ويضحك حتى انفجر نهاوند غاضبا (قلت لك نعيش لحظات من الجنون لكن ما قلت لك تعال نرقص صدقني ماهي حلوة في حقنا بندخل التريند وأجارك الله من الباقي) فينظر إليه سرمد ويزيد الضحك ويرفع صوت الموسيقى أكثر ونهاوند يتقطع من الغضب لكن دون جدوى.
اقترب سرمد من المكان ودقات قلب نهاوند تزداد خوفا من الفضيحة على السوشل ميديا وطوال الطريق دخن بشراهه لأن سرمد لا يجيب عليه وكلما زاد الاقتراب من المكان زاد قلق نهاوند الذي تمرد على الصمت قائلا:( نزلني هنا وروح أنت ارقص للفجر) فأنا لا أريد خسارة سمعتي من أجل رهان خاسر فما علاقتي أنا وأنت بالرقص ؟ فلنذهب ونسافر لبلدة مجاورة أو دولة مجاورة بريا ونخوض لحظات من الجنون بدلا من (الهزهزة).
نظر سرمد لنهاوند أخيرا وتكلم معه بالقول ( من الذي طلب منك الرقص؟ جبتك معي عشان تتسلى بس) فزفر نهاوند زفرة عميقة أتبعها بالقول (كذا طمنتني) , وصل الاثنان إلى مكان الرقص فظهرت علامات التعجب من أعين نهاوند قائلا بغضب (الحين ساحبني على وجهي وطول الطريق ساكت آخرتها جايبنا ملعب كورة؟!) ليرد سرمد ببرود نعم ملعب كرة قدم لو أنك ذكرت كرة القدم مع الرقصات لأخبرتك عن وجهتنا لكن لم تذكرها , ليرد نهاوند بالقول : هل انت مجنون؟! ما علاقة كرة القدم بالرقص؟
ضحك سرمد وقال نعم أنا مجنون وأصاحب مجنون لم يتذكر أنني قلت له قصدي من الرقص تلك الحركات التي يفعلها الانسان فتجعل جسده في حالة عدم اتزان وتعطيه الكثير من السعادة والنشوة وكرة القدم ينطبق عليها هذا الوصف ناهيك عن أن البرازيليين في حقبة من الزمن حولوها إلى رقصة ممتعة ولقبهم الشهير (السامبا)جاء تيمنا برقصة شهيرة … يتبع
تعليقات
إرسال تعليق