المشاركات

أجمل من تفاحة نيوتن

صورة
  الشاي.. المشروب الذي غزا العالم ورافق العرب في تفاصيل حياتهم تعلمنا في المدرسة قصة قانون الجاذبية التي وضعه نيوتن بعد أن سقطت عليه تفاحه وأظن أن تلك التفاحة المسكينة نالت من الدعوات واللعنات أكثر مما أكلت البشرية من هذه الفاكهة حلوة المذاق ومختلفة الألوان. فلا تكاد تجد تلميذا إلا وقال ذات ليلة تسبق الإمتحانات "ماذا لو أن نيوتن أكل التفاحة؟ لن يهتز العالم بكل تأكيد" طبعا تلك هواجيس التلاميذ قبيل الامتحانات وهي طبيعية جدا بسبب معاناتهم مع المذاكرة الاستحضار ولا تقلل من قيمة قانون الجاذبية وأهميته في الحياة اليوم. "ماذا لو أن نيوتن أكل التفاحة؟ لن يهتز العالم بكل تأكيد" على النقيض تماما هنالك في شرق آسيا ، تقول الأسطورة بأن طبيبا صينيا سقطت بضعة أوراق من شجرة كان يغلي تحتها ماءً ، فتغير لون الماء وهذا ما لفت نظر الطبيب الذي أكتشف المشروب الأكثر روعة في التاريخ "الشاي" يا لذلك الحدث التاريخي الذي لا تختزله الكلمات ولم ينصفه التدوين ولا حتى الموضة و "الهبات" كالمشروبات الأخرى التي أخذت نصيبها. "الشاي.. يا لذلك الحدث التاريخي الذي لا تختزله الكل...

قصة قصيرة : من مدينة منسية إلى قصة خالدة: حكاية حفرة

صورة
أبو سعد رئيس المجلس البلدي في مدينة "الصرة" رجل تنافسي إلى أبعد حد حيث أنه يعشق الأرقام القياسية والتكريم وحفلات الشاي ويستلذ بوصلات "التطبيل" على أي إيقاع غير أنه لا يظهر مشاعر الفرح ويذكر دائما أنه لا يحب سماع الموسيقى! غير أنه يرأس مجلسا بلديا في مدينة نائية ليس فيها ما يغري للتنافس أصلا، وهذا ما جعله يصاب بحالة من "الحساسية" المفرطة وبات "يهرش" أي شيء يقع تحت يديه أو قدميه أو بين فكيه، وبات الموظفون في حالة من الارتباك وشغلهم الشاغل البحث عن ما يرضي طموح الرئيس وينهي هذه "الحساسية". في خضم حالة الفوضى ظهر الموظف النشيط حمد وجاء بما لم يستطع أن يأتي به الأوائل، حيث أنه بالصدفة اكتشف أن "رومانيا" تنظم مسابقة دولية "للحفر"، حيث تفوز الحفرة الأكثر عمقًا والتي تعطل السير ومصالح الناس بجائزة "الحفرة الأجمل في العالم". أعجب أبو سعد بهذه المسابقة الشيقة وشكر حمد على حسن صنيعه وقال: "برافو! هذه المسابقة لن تفلت من أيدينا!" اجتمع أبو سعد مع أعضاء المجلس البلدي الموقرين وأخبرهم بأمر الجائزة، فارتف...

لماذا يا عنز الشعيب؟

  ازدواجية المعايير في تقييم دراما رمضان.. ومتى نتوقف عن تمجيد كل ما يُصنّع خلف الحدود؟ "عنز الشعيب تحب التيس الغريب" مثل شعبي سعودي قديم يُقال لمن يترك أهله وناسه ويتعلق بالغريب، ظنًا منه أن الغريب دائمًا أجمل وأفضل. وهذا تمامًا ما نراه هذه الأيام في وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا مع زحمة تقييمات مسلسلات رمضان. بات واضحًا أن هناك فئة معروفة بترويجها ودفاعها المستميت عن الدراما القادمة من دول الجوار، رغم ما تحمله تلك الأعمال من مشاهد عبثية وأفكار هدامة، وخلاعة لا تخفى على أحد. نفس هذه الفئة و للمفارقة لا تتوانى عن تعليق المشانق للدراما المحلية، بل وتتفنن في جلدها والتقليل منها، مستخدمة عبارات مستفزة مثل: "ذوقنا أكبر من هذا المستوى" . لا أحد ينكر أن النقد حق مشروع، والفن بطبيعته خاضع للآراء والذائقة العامة، بل وحتى السخرية مشروعة حين يكون العمل "وضيعًا". لكن المرفوض - بل المعيب - هو هذه الازدواجية المفضوحة في المعايير: كيف تقارن بين إنتاج مدعوم بتجارب طويلة وبين أعمال محلية ما زالت تتحسس طريقها؟ كيف ترفع نجمًا "مستوردًا" إلى عنان السماء رغم ...

هوبال: فلسفة النجاة بالهلاك

صورة
  "الأفكار لا تموت لكنها تقتل"، هذه العبارة تصف بدقة أثر استمرار الفكرة وتناقلها دون إدراك كامل لمعناها، وكيف يمكن أن تتحول النوايا النبيلة إلى مأساة تجر معها الهلاك. هذا الانطباع ظل يرافقني منذ أن شاهدت فيلم هوبال للمخرج السعودي الفذ عبدالعزيز الشلاحي والذي يعد أحدث إنتاجات السينما السعودية التي تعقد عليها الآمال، حيث تتجسد فكرة المقولة أعلاه بوضوح من خلال مجتمع "البادية" الذي يشكل مسرح للأحداث وصورة مصغرة عن حال أي مجتمع تسيطر عليها "الآيديولوجيا".   في حكاية الفيلم التي صاغها الكاتب الأكثر تأثيرا في السينما السعودية اليوم مفرج المجفل نجد أن جوهر الفكرة التي آمن بها الأب "ليام" يتلخص في مفهوم "النجاة" من العذاب الأخروي ومن أجل هذه الغاية النبيلة في معناها ومقصدها آثر أن ينعزل بأسرته الصغيرة في الصحراء بعيدا عن "فساد" المدينة وعلاقاتها الملوثة والتي تسببت حسب ما يعتقد "ليام"  في ظهور علامات الساعة واقتراب يوم الحساب الذي يريد "ليام" أن يذهب إليه وهو بريء من دنس المدينة وذنوبها حاملا ثوب الطهارة الذي اختاره...

قصة قصيرة : وجبة كاملة الدسم

خلف عضو منضبط في المجتمع لا يحب الدين فإن كان في جيبه هللة سيأكل في ذلك اليوم بمقدارها وإن لم يمتلكها لا ضير لديه في أكل القليل من التمر مع حليب أو لبن الماعز ويكتفي بذلك دون أن يكون للناس حقوق في ذمته ويرى أن تلك الطريقة أبعدته عن المشاكل والقيل والقال وقهر الرجال ومذلة الدين آناء الليل وأطراف النهار.  لم يكن خلفا رجلا فقيرا معدما ولا غنيا مترفا بل رجل يعيش على الكفاف برفقة زوجته مستورة وأبنائه محمد وهلال حيث يعمل خلف حارس مدرسة بنات وزوجته مستورة تعمل فراشة في ذات المدرسة ويعيشون في منزل شعبي متواضع ويعيش معهم في الحوش عدد من الحيوانات الداجنة من الغنم والدجاج ونحو ذلك من حيوانات المنازل في سبعينيات القرن العشرين. لا يحظى خلف بالكثير من العلاقات مع الناس فطبيعته الغامضة وصمته الدائم يجعل مستوى علاقاته مع الناس سطحي للغاية ولكن الرجل اشتهر بالكرم فما أن يطرق بابه أحد من الناس حتى يجد لديه كرم الضيافة وحسن الإستقبال. في سبعينيات القرن العشرين لم تكن فكرة الفنادق قد تبلورت بشكلها المعروف حاليا لذا كانت الناس تبحث عن أقاربها للمبيت لديهم في حال زيارتهم لمنطقة بعيدة عن منطقتهم لذا ...

متى أشتري الخبز؟

صورة
  في طفولتي لم أكن طفلا شديد الهدوء ولا شديد الإزعاج و ما بين هذه وتلك تتمحور حياتي بين مدح الآخرين لي أمام أبنائهم بعبارة "كونوا مثل فهد" التي كانت تجعلني أتطاير فرحا وأشعر بتميزي بينهم وما بين توبيخ أمي رحمها الله إما بسبب الدراسة أو الشجار مع أخوتي أو بسبب "الخبز"!. نعم انه "الخبز" أو ما في حكمه من احتياجات المنزل التي كنت أراها في ذلك الزمن قطعة من الشقاء وحكما بالأشغال الشاقة وكل ما يدور في ذهني أنه لا شيء يستحق أن أترك مشاهدة مسلسلي المفضل أو مباراة فريقي من أجل شراء الخبز بيد أنني لم أكن أملك الخيار للرفض فأمي لا تتهاون في التربية والتقريع ولديها "خيزرانة" ذات قوام نحيف لازلت أتذكر أثرها "المبرح". في تلك الأيام كنت طفلا ومن ثم مراهقا مصاب بداء إلتهاب الأعصاب الذي ترك تأثيره على قدراتي في المشي والحركة غير أن عنفوان الصبا و حماقة المراهقة لا يجعلان المرء يدرك النعمة العظيمة التي يمتلكها في تلك اللحظة وأنه ربما بعد فترة من الزمن سوف يحن حتى لطلب شراء الخبز في ظهرية حارقة في يوم من أيام مكة الصيفية التي تجعل الماء ساخنا والبيض ناضجا...

سينما عبدالخالق الغانم

صورة
لعل القارئ يظن أن في العنوان خطأ أو لبس حيث أن المخرج السعودي الراحل عبدالخالق الغانم لم يترك إرثا سينمائيا كما هو الحال في التلفزيون وهذا صحيح بالتأكيد من الناحية النظرية ولكن من الناحية العملية فالغانم قد ترك ارثا عظيما يتجسد اليوم على شاشات السينما وإن كان بتوقيع مخرجين آخرين لكن بصمة الغانم حاضرة لا تغيب. غني عن الذكر أن ذاكرتنا البصرية في المملكة شحيحة كشح المياه العذبة في الصحاري ولا نملك ذاكرة مصورة غنية إلا فيما صوره لنا طاش ما طاش برؤية المخرج الراحل عبدالخالق الغانم الذي تولى إخراج السلسلة الكوميدية الشهيرة على مدار عقد من الزمن  وضع فيها بصمته الخاصة ورفع مستوى إخراج العمل إلى مستوى عالي بعد أن كان بسيطا في الأجزاء الأولى وفقا لطبيعة الأعمال في ذلك التوقيت. لم يتعامل عبدالخالق مع طاش كعمل كوميدي خفيف بل جعله أداة للمغامرة والتجربة والإبداع وتقديم شيء بسيط من امكانياته الإخراجية التي كانت تحدها ظروف الإنتاج وطبيعة النظرة للفنون في المجتمع و عدم وجود القنوات الرسمية الحاضنة والداعمة للسينما والفنون بشكل عام , ومن هذا المنطلق وثق لنا عبدالخالق شكل الحياة في السعودية منذ منت...